رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أميرة ملش تكتب: جرائم الإخوان لا تسقط بالموت


لأول مرة أشعر بالارتباك والحيرة عندما يموت أحد الأشخاص.. الموت حق علينا جميعًا وهو ليس عقابًا من رب العالمين، بالعكس أرى أنه راحة للبشر من معاناة الحياة، ويصبح الإنسان بعد موته بين يدى الله، إذن لا شماتة فى الموت.. وماتجوزش على الميت إلا الرحمة، كما نقول دائمًا، ولكن عندما مات محمد مرسى العياط، الرئيس الإخوانى المعزول، ارتبكت وأنا أقول الله يرحمه، ربما لأنى كنت أتمنى أن يُعدم ونقتص منه ونأخذ ثأرنا، وربما لأنه قتل صديقًا عزيزًا وزميلًا وقطف زهرة شبابه، أو بسبب تراجع مصر وتمكن الإرهاب منها فى عام حكمه الأسود، أيًا كان السبب ولكن مشاعرى كانت مضطربة بالفعل.
الميت ماتجوزش عليه إلا الرحمة.. كلام سليم ولكن جرائم الإنسان لا تسقط بالموت أبدًا، ولا تمحى فجأة بموت الأشخاص، خاصة إذا كانت شخصيات مسئولة ذات يوم عن شعب، كان مرسى رئيسًا لمصر فى غفلة من الزمن، وبينما ينام هو فى قصره، جماعته كانت تعذب المصريين حتى الصباح على أبواب هذا القصر، وهى ليلة موقعة الاتحادية، وما حدث فيها من أحداث دامية لا يستطيع هذا الوطن نسيانها، لأول مرة نشاهد الحرب الأهلية على أرضنا الطيبة، والتى لم تعرفها مصر قط طوال تاريخها غير فى عهد الإخوان القصير جدًا، وكانت هذه الليلة تحديدًا كافية لعزل هذه الجماعة الإرهابية للأبد عن مصر والمصريين، طغى الإخوان وظهروا بوجههم الغادر الحقيقى الذى كنا نعرفه، قتلوا المصريين، وكان من بين الشهداء الزميل الصحفى الحسينى أبوضيف، هل هذه الجريمة، وأقصد هنا أحداث ليلة الاتحادية، تسقط عن مرسى لمجرد أنه مات؟.
وماذا عن جرائم هذه الجماعة الإرهابية فى عام حكمه، من كان يطلق عليهم أهله وعشيرته، خطف الجنود فى سيناء والتي طالب فيها مرسي بالحفاظ علي حياة الخاطفين والمخطوفين، والعمليات الإرهابية، وسيارات الرئاسة التى كانت تذهب للمتطرفين فى سيناء تقدم لهم الدعم، فتح باب الجهاد فى سوريا فخرج شباب التيارات الدينية للتدريب هناك، وعادوا للتنفيذ هنا، وفتح أبواب سيناء على مصراعيها للإرهابيين من كل الدول وتمكينهم منها، وكلماته هو- مرسى- شخصيًا عن الإرهابيين، وكان ذلك فى زيارة له لمحافظة أسيوط ووقتها اجتمع بضباط مديرية أمن أسيوط، وقال لهم (اللى فى سينا دول مش إرهابيين دول شباب وطنى وطموح ومحترم زيكم)، وكان يقصد أعضاء الجماعات الإرهابية فى سيناء، خرج الضباط من هذا الاجتماع وهم فى قمة الغضب واليأس والإحباط، ماذا عن مخططات تمكين الجماعة من جميع مفاصل الدولة، ماذا عن استهزائهم بشهدائنا وسخريتهم منهم وشماتتهم فيهم، فهم المادة الخام للشماتة، فى اعتصام رابعة المسلح، وأذكر جيدًا أحد قيادات الجماعة وهو يقف على المسرح ويقول بأعلى صوته ممسكًا بالميكروفون (جيكا وميكا أى صايع عندهم يقولوا عليه شهيد)، وصاح الأهل والعشيرة مهللين الله أكبر وهم يصفقون له، ونذكر جميعًا ما قاله البلتاجى (هذا الذى يحدث فى سيناء يتوقف فى اللحظة التى يعود فيها مرسى للحكم).
هل كل هذا يسقط عنهم عندما يموت أحدهم؟ لا.. أبدًا هنا تحديدًا آفة حارتنا لن تكون النسيان، كيف ننسى دم ولادنا ضحايا التفجيرات الإرهابية فى صفوف الجيش والشرطة، ودم المصلين فى الكنائس والجوامع، ودم الناس الأبرياء فى الشوارع والميادين.
ولو الأمر بهذا المنطق، فإن جرائم الطغاة ضد الإنسانية كانت سقطت جميعها بموتهم مثل هتلر وزعماء الصهيونية والسفاحين والخونة فى كل مكان، ألم يلعن التاريخ والى عكا الخائن إلى الأبد ونضرب به جميعًا المثل فى الخيانة وبيع الأوطان.
الإخوان هم أعداؤنا وأعداء بلدنا، سواء عايشين ولا ميتين، حسن البنا وسيد قطب أعداء الوطن وأعداء الإنسانية لم يسقط عنهم الموت شيئًا، الموت غيب أجسادهم وأرواحهم، ولكن أعمالهم المخربة باقية، حيث إن جماعة الإخوان هى أساس كل هذا الشر الذى يسمى بالجماعات والتيارات الإسلامية المتطرفة، هم أصل داعش والقاعدة وفى الحقيقة كلهم شىء واحد وإن اختلفت المسميات.. لا أزايد على أحد من ترحم على مرسى ومن لعنه، كل واحد حر.. أقول فقط إنه كان أحد قيادات جماعة إرهابية لا تريد لبلدنا غير الشر، وإن جرائم هذه الجماعة لا يمحوها الموت ولن نغفر ولن نسامح ولن نصالح.
وفى الحقيقة فإننا نقف مع بلدنا وفى ظهرها ولا يمكن أيًا كانت المبررات أن يردد المتعاطفون مع موت مرسى ولا أعرف لماذا، أو من هم مع خلاف مع النظام ما يقوله الأعداء، ومن يردد أن مرسى مات لأنه لم يتلق الرعاية الصحية اللازمة، أين الدليل على ذلك، لا يوجد دليل واحد حتى الآن على ما يقال عن أنه كان لا يتلقى العلاج مثلًا، ثم إننا بلد فى حالة حرب، ومرسى كان يحاكم بتهم الجاسوسية والخيانة العظمى وليس سرقة سيارة، وسقط ميتًا أمام الجميع فى المحكمة وكان قبلها يقف ويتحدث، فهو أمر الله.. فقد وصل الأمر بجماعة الإخوان ليس فقط بجعله شهيدًا، بل بترقيته نبيًا يصلون عليه ويسلمون تسليمًا وكأنهم الله، وكان من الطبيعى أن ينعى مرسى ويتعهد بالثأر له تنظيمات إرهابية مثل ولاية سيناء وحسم، فهو بالفعل رئيسهم هم، وقيادى فى جماعة هى أصل وجودهم، فهو الذى قال عنهم يومًا «شباب وطنى ومحترم».. أما نحن فنترحم على شهدائنا الأبرار، من ماتوا وهم يحمون أراضينا ومن قتلهم الإخوان وهم يؤدون واجبهم، ومن غدروا بهم وهم يصلون لربهم.. للإخوان جماعتهم، ولنا ديننا ووطننا.