رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أميرة ملش تكتب: مصر بتكبر رغم الصعب




لا شك أن مصر الآن تعيش عصرًا مزدهرًا فيما يخص المشروعات القومية، شبكة طرق، وقناة السويس الجديدة، ومشروعات إسكان، ومشروعات الثروة السمكية والحيوانية، الإصلاح الاقتصادى، والعاصمة الإدارية وغيرها، بالإضافة لحقل ظُهر الذى يعد أكبر حقل غاز طبيعى فى الشرق الأوسط، باحتياطى ٣٠ تريليون قدم مكعب، ويكفى مصر ذاتيًا من استهلاك الغاز الطبيعى.
المشروعات تعتبر إنجازات حقيقية تُسجل فى التاريخ، وحتى ما يقوم به جهاز الرقابة الإدارية من محاربة للفساد ومحاولة جادة لتحجيمه ومن ثم التخلص منه نهائيًا فى المستقبل، فهو أيضًا إنجاز يسجله تاريخ مصر، وبرغم الصعوبات التى يعيشها البلد وعلى رأسها محاربة الإرهاب الذى يضرب بلا رحمة، فالمشروعات تنجز والأحلام تتحقق على أرض الواقع.
ويبقى شىء واحد من الأهمية أن نتحدث عنه، ومن الضرورة أن نجد له حلًا، وهو رضا المواطن وشعوره بالتغيير، وبالخير الذى يعم على الجميع آجلًا أم عاجلًا، والبحث فى أسباب عدم شعور الناس أو غالبيتهم بحجم الإنجازات التى تحدث، ولعل السبب الرئيسى فى ذلك هو غلاء الأسعار وضيق الحال الذى يفسد الشعور بأى شىء إيجابى يحدث فى مصر على أرض الواقع، فإن المصريين من الشعوب الفقيرة، الطبقة الميسورة نسبتها ضئيلة بالنسبة للشعب المصرى، والطبقة الوسطى التى كانت تمثل النسبة الأكبر والسواد الأعظم، انحدرت لمستوى معيشة أقل هوى بها للطبقة الفقيرة بعد تعويم الجنيه فى خريف ٢٠١٦، وبعد الإصلاحات الاقتصادية التى تمت وما زالت تتم.. الأسعار ارتفعت بشكل جنونى والرواتب لم ترتفع بنفس الشكل، بعضها كما هو والبعض الآخر ارتفع بنسبة بسيطة بالنسبة لارتفاع الأسعار، والنتيجة دخول بسيطة لا تستطيع الصمود أمام غلاء المعيشة.
أدرك تمامًا أن ما حدث من إصلاح اقتصادى كان لا بد أن يحدث، فهو مثل العملية الجراحية التى لا بد منها وإلا مات المريض، يفقد الكثير والكثير فى العملية، يفقد دمًا وصحة وحيوية وأموالًا ووقتًا وطاقة، ويرقد فى الفراش حتى يتعافى ويعقب ذلك فترة نقاهة، ولكنه بعدها يعيش ويستعيد كل ما فقده، والأهم هو وجوده فى الحياة الذى كان مهددًا قبل العملية، ولولا الإصلاح الاقتصادى الذى هو مثل العملية الجراحية التى تنقذ حياة مريض، وخطوة تعويم الجنيه لأفلست مصر مثل بلدان حدث فيها ذلك، وإفلاس الدولة يعرف بعدم قدرتها على الوفاء بديونها، أو الحصول على أموال خارجية لدفع ثمن ما تستورده من البضائع والسلع، ويجعلها منسحقة تمامًا أمام القوى الخارجية، اليونان وروسيا مثال للدول التى أفلست، وقد أعلنت روسيا إفلاسها عام ١٩٩٨ بسبب الأزمة الاقتصادية الناتجة عن تحولها من دولة شيوعية إلى دولة رأسمالية، وكذلك الأرجنتين عام ٢٠٠١ بسبب الأزمة المالية وتعاظم الديون، ويُذكر أن الأرجنتين أعلنت إفلاسها مرتين خلال ثلاثة عشر عامًا.
أى أن الإجراءات الاقتصادية كانت ضرورية، وأعتقد أن الرئيس السيسى كان شجاعًا ووطنيًا لأقصى درجة حينما اتخذ هذا القرار، ولم ينظر لمصلحته الشخصية على الإطلاق، بل كان همه الأول والأخير هو إصلاح الوطن ومصلحة الشعب والأجيال القادمة، ولو كان مثل غيره يعمل لمصلحته فقط لما أجرى الإصلاح الاقتصادى، الذى خصم من شعبيته، ولكنه بالفعل ضحى بها من أجل المصلحة العامة، فهو بالفعل رجل مقاتل، والحكم للتاريخ.
المشاريع الضخمة التى تنجز أثرها سوف يظهر بعد حين إذا لم يظهر الآن، ولكن، كما قلت، المواطن المطحون من الصعوبة أن يدرك ذلك فى سرعة إيقاع الحياة وضيق الحال وغلاء المعيشة، قد يتفهم ما يحدث ويقدره ويشعر بالأمل ويفرح، ولكنه فى اليوم التالى يصطدم بمصاريف المدرسة التى لا يعرف من أين يأتى بها، أو فاتورة الكهرباء التى لا يعرف كيف يدفعها، أو مطالب أسرته التى يعانى فى توفيرها، لذلك أرى أن إجراءات عاجلة يجب أن تتخذ من أجل هذا المواطن، من أجل أن يشعر بأهمية وضرورة ما يحدث، من أجل أن تكتمل فرحته بالإنجازات الحقيقية التى تتحقق فى مصر، من أجل أن يستطيع الصبر قليلًا على متاعب الحياة، المواطن هو كلمة السر، فكل هذا يحدث له ومن أجله ومن أجل مستقبل أبنائه، وهو يحتاج إلى اقتصاديين وإعلاميين وسياسيين فاهمين بجد ويتمتعون بالمصداقية ليتحدثوا ويشرحوا حتى يدرك الإصلاحات التى لا بد منها، والإنجازات التى تتحقق فى ظل وجود حرب شرسة تخوضها الدولة ضد الإرهاب، ولكنها لا تعطلها عن العمل والإنتاج والتفكير فى بكرة.
من حق الناس أن تدرك جيدًا أننا فى ظل حربنا وتضحيات أبنائنا لحماية الأرض والعرض، ننجز مشروعات ضخمة ستعود بالخير على الجميع، مشروعات يقول عنها البعض إن ما حدث فى أربع سنوات لم يحدث فى ٦٠ عامًا، من حق الناس أن تشعر بحلاوة الانتصار على الظروف الطاحنة التى تواجه البلد، ولكن كل ذلك لن يحدث من وجهة نظرى سوى بأمرين:
الأول اتخاذ إجراءات للحد من الضغوط الاقتصادية على الناس، بارتفاع مستوى معيشتهم بالتدريج، والتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وتحسين مستوى الخدمات التى تقدم لهم من مواصلات ومستشفيات وأدوية ومدارس وجامعات وتوفير سبل العيش ليشعروا أن الفائدة تعود عليهم.. الأمر الآخر هو وجود أصوات عاقلة وصادقة تتحدث إليهم، عن المرحلة الحرجة التى نمر بها، وأن السبيل الوحيد للمرور منها هو الإجراءات الاقتصادية، وأن الإنجازات تتحقق وسط الصعاب، وهو ما يجعلها إنجازات، والتى هى ثمار لهذه الإجراءات وتحدث، لأن بيننا من يخاف علينا بحق ويعمل بوطنية وشرف من أجلنا.
ويشرح لهم أن المشروعات الضخمة هى مشروعات قومية تحد من البطالة، لأن الشباب يعمل بها فى مجالات شتى، وأنها تحقق لنا الاكتفاء الذاتى، وتجعلنا نصنع ونزرع ونصدر أكثر ما نستورد فنتحول لدولة منتجة ومصدرة تملك قوت يومها، دون سلف ودين، كما أننا استطعنا أن نسدد الكثير من ديوننا، والأهم من ذلك أننا أصحاب قرارنا لا أحد يتحكم فينا، وصوتنا من دماغنا، ولنا وزن وثقل فى المجتمع الدولى، جيشنا قفز ليكون من أقوى عشرة جيوش على مستوى العالم بعد صفقات أسلحة كبيرة زادت من قوتنا ودعمت تفوقنا العسكرى باقتناء أهم وأحدث الأسلحة المتطورة عالميًا، متفوقًا على الجيش الإيطالى فى تصنيف موقع «جلوبال فاير باور» الأمريكى لأقوى الجيوش لعام ٢٠١٧.. وكل ذلك لا يتحقق من فراغ وليس صدفة، وإنما من جهد وعمل حقيقى، فنحن الآن وطن يسير على الطريق الصحيح، وقد أصبح لدينا درع وسيف، ومن حقنا أن نسعد الآن بما يتحقق فى أرضنا الطيبة.