رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سلفيون بما لا يخالف شرع الإرهاب



يبدو أننا على موعد معهم دائما، ما إن نجبرهم على العودة للجحور حتى يقتنصوا أى فرصة ليعودوا من جديد.. المصريون أعلنوا عن كراهيتهم ورفضهم لهم عبر مسميات أطلقوها عليهم مثل «طيور الظلام، الإرهابيين، القتلة، والمتأسلمين»، صحيح أنهم استطاعوا خداعهم بعض الوقت إلى أن جاءتهم فرصة الحكم والتربع على العرش ليكتب الشعب نهايتهم بثورة عزلتهم.

ولأن المتأسلمين لهم ذيول وفروع، فقد عاد السلفيون للظهور هذه الفترة بوضوح شديد، ففى عربات المترو تتحدث السيدات من المنتقبات بملابسهن السوداء الكئيبة، اللاتى عدن للظهور بتلاوة الأدعية الدينية وبعض الأحاديث، وتطور الأمر ليتحدثن عن الحجاب، ويوجهن كلامهن للفتيات غير المحجبات عن الجحيم الذى ينتظر كل متبرجة سافرة، يتسببن فى فزع ورعب للسيدات والفتيات غير المحجبات سواء مسلمات أو مسيحيات بما لا يخالف شرع الإرهاب.
كان هذا المشهد معتادا ومتكررا منذ عام ٢٠٠٤ تحديدا، واستمر عدة سنوات قبل وبعد ثورة يناير، وكان فى أوجه خلال حكم المعزول محمد مرسى، ولكنه قد اختفى تمامًا منذ ثورة ٣٠ يونيو، حسب كلام من يستقلون مترو الأنفاق بشكل مستمر. المدهش هو ظهورهن الآن بكل صراحة ووضوح وجرأة وقوة وكأنهن مازلن يحكمن، وقد عدن لسيرتهن الأولى.
وخارج عربات مترو الأنفاق نجد المساجد التى بدأ السلفيون فى احتلالها، فى عدد من المحافظات وعلى رأسها المنوفية والإسكندرية والغربية، فقد عادت دروس الدين على يد مشايخ السلفية بشكل عشوائى وخارج سيطرة وزارة الأوقاف، ولكن الأخطر هو إعداد دروس خاصة بالأطفال داخل المسجد وكأنها حضانات السلفيين داخل المساجد. التأثير على الأطفال أمر خطير، فنحن إذن بصدد انتظار أجيال جديدة متشددة فى المستقبل القريب، لينضموا لركاب من سبقوهم إلى الإرهاب والتطرف الذى نغرق فيه.. تشويه الأطفال وتسميم أفكارهم وتغييب وعيهم فى المساجد جريمة يعاقب عليها التاريخ ويدفع ثمنها الوطن، والثمن هنا غال جدا لأنه دماء الأبرياء.
السلفيون هم دائما خلايا كامنة أكثر من الإخوان، ليس لديهم نفس العنف كما يبدو عليهم، لأن عنفهم مستتر، لا يسعون خلف السياسة كثيرا مثل الإخوان، مما يوحى أنهم غير طامعين فى الحكم، وهو ما يصدر للجميع أنهم ليسوا بنفس الخطورة، ولكن الحقيقة أن كل التيارات الإسلامية خطيرة وتتساوى فى درجة الخطر، فما الفرق بين الإخوان والسلفيين وداعش وجبهة النصرة والقاعدة؟ كل هؤلاء خرجوا من تحت عباءة الإخوان ويجمعهم حلم الخلافة والحكم الإسلامى وتكفير الديانات الأخرى.
ولكن من دفعهم لتكرار مشاهدهم المستفزة من جديد الآن؟ من يقف خلف جرأتهم ويمنحهم قوة الظهور بعد أن ظن الجميع أنهم قد تلاشوا؟ ظهورهم حاليا ينذر بالخطر. وإذا لم تقف الدولة بكامل أجهزتها وتتصدى للسلفيين فقد يخرج الأمر عن السيطرة، خاصة أنهم جاهزون ومستعدون للانقضاض على المصريين مسلميهم قبل أقباطهم، فلن يسلم من شرهم أحد لأنهم لا يعترفون بالوطن.
الدين عندهم أهم من الوطن، لذلك هم على استعداد لأن يحكم مصر حاكم أفغانى مثلًا أو هندى طالما أنه مسلم ويطبق شرع الله. ليس عندهم مانع أن تحتل مصر دولة أخرى مسلمة وتقتطع أجزاء من أراضيها، وأن تضيع سيناء وتتحول إلى ولاية، وأن يقتطع الصعيد وحلايب وشلاتين. ليس عندهم مانع من تقسيم الأرض والتفريط فى العرض. المتأسلمون أصلا لا يعرفون معنى أن الأرض هى العرض.
لا يعترفون بالجيش ولا العلَم ولا فكرة الدولة، بل إن تفكيك الجيوش هو هدفهم فى كل مكان.. تمدد السلفيين خطورة كبيرة على الدولة وكيانها، وعلينا جميعا أن نقف لهم بالمرصاد، أن نواجههم ولا نخشاهم، أن نتصدى لهم لا أن نتجاهلهم، أن نسيطر عليهم ونحد من توغلهم قبل أن يسيطروا على الدولة، وتعود مشاهد الضرب والدماء فى الشوارع.. الفرصة مازالت أمامنا لمواجهتهم والقضاء عليهم ويجب أن نستغلها قبل فوات الأوان.